الأحد، 14 فبراير 2016

الحمدلله على نعمة التقدم في العمر!



وإلا لكنا عالقين في مرحلة إرضاء الجميع، الغرور، أنا أعرف، لا أحد يفهمني، أنا وحيد، أنا كبير كفاية، لِمَ كل الأمور ضدي!!




الحمدلله على نعمة التقدم في العمر!


في الطفولة يظن الإنسان أن رضا معلميه والمجموعة المسيطرة في الصف هي قمة نجاحه! وبقدر ما كان عدد أصدقائه أكبر، كان هذا الطفل راضٍ.....

يكبر أكثر فيعتبر نفسه مقبولاً إن اشترك مع أصدقائه بما يحبون وما يكرهون، أن يكره أكل الجزر لأن أصدقاءه قالوا: من الطفولة أكل ما هو صحي. وينافس على طلب وجبات الدجاج السريعة ذات الزيت المهدرج للسبب ذاته مقلوبًا!


نكبر ويكبر فيريد أن يتعرف على نفسه؟ يبحر في عوالم التواصل ليشارك العالم بكل ما يستحق أو لا يستحق المشاركة، ليكتشف من هو؟ ماذا يحب وماذا يكره، ليقترب من ذاته أكثر، وكل هذا من خلال التواصل مع الآخرين. فيداوم على قهوة الصباح لتعديل مزاجه؛ ظانًا أنها جزء منه. وانعكاسًا لهذا الانفتاح يُصدم بكمية البعد الكبير عن نفسه، وقديمًا قيل من كثر كلامه كثر خطؤه...


نتنقل في حياتنا من مرحلة لن يفهمني أحد، لـ سأعيش وحدي، لـ أين أنتم عني؟!

في كل مرة نصل لمرحلة معينة من العمر نمر بأمرين، الندم والتحسر على الماضي "فما أجمله من ماضٍ" -رغم- أننا في ذلك الوقت لم ندرك قيمته!! ثم التشوق للمستقبل "فكم سيكون أجمل"، وبهذا يضيع زمن لحظة "الآن"!


 الحمدلله أننا نكبر!
 فجمال الماضي لا يعني أن الرجوع إليه يعادل الحصول على السعادة!  تجارب الماضي هي التي أنشأتنا على ما نحن عليه الآن، فأنت الجديد نتاج الماضي القديم، فلو لم تخض التجارب لما تغيرت ومشيت نحو الأحسن والأفضل!


أن تكبر لا يعني أن تتخلى عما تحب! لكن يعني أن تنضج! 
أن لا تهمك سفاسف الأمور.
أن يتحدث الجمع دون أن تشعر بالإجبار للتعليق.
أن تؤمن بأنك كما تدين تدان!
أن تتأمل أكثر في حياتك، أن تتكلم بعد روية!
أن تمتلك الشجاعة لتقول نعم أخطأت!
أن تفهم معنى التوكل الحقيقي في كل أمور حياتك.
أن تعترف بصحة رأي منافسك، أن تعتذر، أن تسامح، 
وأن لا تهتم وتعلم يقينًا أن لا أحد يهتم!

نعم لا أحد يهتم، وإن تكلموا قليلاً فسينسون سريعًا....


تكبر فيقل تواصلك، وتتحول لمرحلة جديدة ، فبدلاً من اهتموا بي يا أصدقاء، اسألوا عني وإلا سأغضب! سيبحر الجميع مبتعدين داخل أمواج دوامة الحياة، ثم سنلتقي والشوق يملؤنا مرة أخرى، وهكذا دون عتاب طويل وكأننا لم نفترق قط!
هذا هو النضج ^،^



الحمدلله على نعمة التغير!

وكما قال د. سلمان العودة: نعم أتغير ولِمَ لا أتغير؟!
أتغير لأنني لا أقدّس ذاتي ولا أجحد الأخطاء والمعايب والنقائص التي عليّ أن أطاردها حتى الموت، وفيها ما أعرفه جيداً وأستسلم له، وفيها ما يزين لي فأراه حسناً، ثم يمنحني ربي القدرة على كشفه وإقصائه! *


لا بأس أن نغير عاداتنا، وطبائعنا الخاطئة، نحتاج وقفة صدق مع النفس واعتراف ثم تكون على الطريق الصحيح!

الحمدلله على نعمة التقدم في العمر، فها أنا أفهم الآن ما قصدتيه يا أمي في الزمن البعيد ؛)





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق